بسم الله الرحمن الرحيم
هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)
مقدمة تفسير سورة الإنسان قد تقدم في صحيح مسلم 879 عن بن عباس أن رسول الله كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة ( ألم تنزيل ) السجدة و ( هل أتى على الإنسان ) وقال عبد الله بن وهب أخبرنا بن زيد أن رسول الله قرأ هذه السورة ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر ) وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود فلما بلغ صفة الجنان زفر زفرة فخرجت نفسه فقال رسول الله أخرج نفس صاحبكم أو قال أخيكم الشوق إلى الجنة مرسل غريب
بسم الله الرحمن الرحيم يقول تعالى مخبرا عن الإنسان أنه أوجده بعد أن لم يكن شيئا يذكر لحقارته وضعفه فقال تعالى ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) ثم بين ذلك فقال جل جلاله ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج ) أي أخلاط والمشج والمشيج الشيء المختلط بعضه في بعض قال بن عباس في قوله تعالى ( من نطفة أمشاج ) يعني ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ثم ينتقل بعد من طور إلى طور وحال إلى حال ولون إلى لون وهكذا قال عكرمة ومجاهد والحسن والربيع بن أنس الأمشاج هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة وقوله تعالى ( نبتليه ) أي نختبره كقوله جل جلاله ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) ( فجعلناه سميعا بصيرا ) أي جعلنا له سمعا وبصرا يتمكن بهما من الطاعة والمعصية وقوله جل وعلا ( إنا هديناه السبيل ) أي بيناه له ووضحناه وبصرناه به كقوله جل وعلا ( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ) وكقوله جل وعلا ( وهديناه النجدين ) أي بينا له طريق الخير وطريق الشر وهذا قول عكرمة وعطية وبن زيد ومجاهد في المشهور عنه والجمهور وروي عن مجاهد وأبي صالح والضحاك والسدي أنهم قالوا في قوله تعالى ( إنا هديناه السبيل ) يعني خروجه من الرحم وهذا قول غريب والصحيح المشهور الأول وقوله تعالى ( إما شاكرا وإما كفورا ) منصوب على الحال من الهاء في قوله ( إنا هديناه السبيل ) تقديره فهو في ذلك إما شقي وإما سعيد كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم 223 عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله كل الناس يغدو فبائع نفسه فموبقها أو معتقها وقد تقدم في سورة الروم عند قوله جل جلاله ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) من رواية جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا وقال الإمام أحمد 2323 حدثنا أبو عامر حدثنا عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال مامن خارج يخرج إلا ببابه رايتان راية بيد ملك وراية بيد شيطان فإن خرج لما يحب الله اتبعه الملك برايته فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته وإن خرج لما يسخط الله اتبعه الشيطان برايته فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته وقال الإمام أحمد 3321 حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن بن خثيم عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله أن النبي قال لكعب بن عجرة أعاذك الله من إمارة السفهاء قال وما إمارة السفهاء قال أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهداي ولايستنون بسنتي فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولايردون علي حوضي ومن لم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون على حوضي ياكعب بن عجرة الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة والصلاة قربان أو قال برهان ياكعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به ياكعب الناس غاديان فمبتاع نفسه فمعتقها وبائع نفسه فموبقها ورواه 3399 عن عفان عن وهيب عن عبد الله بن خثيم به